القائمة الرئيسية

الصفحات

كيف يتنبأ خبراء الأرصاد بإمكانية حدوث الأعاصير؟

صورة ملتقطة من القمر الصناعي لإعصار بغرب المحيط الأطلنطي
أثمرت الجهود المبذولة في تطوير علم الظواهر الجوية "meteorology" عن تقدم كبير في قدرة البشر على التنبؤ بالظواهر الجوية المختلفة، ودراسة التغيرات المناخية على المدى البعيد، ومن بين أكبر المكاسب التي عادت على البشرية من التطور التكنولوجي في مجال علم الظواهر الجوية، إمكانية التنبؤ بالأعاصير قبل حدوثها، حيث أصبح بإمكان الدول إخلاء الأماكن التي يتوقع أن يضربها الإعصار، قبل وصوله إليها بالفعل.


عملية التنبؤ بتكون الأعاصير أصعب بكثير من عملية رصدها أو متابعتها، بسبب التغير المستمر في اتجاه وقوة ودرجة حرارة تيارات الهواء ومياه المحيطات، وتغير الضغط الجوي صعوداً وهبوطاً، لكن هذا لا يعني أن التنبؤ بحدوث الأعاصير قبل وقوعها أمر مستحيل، فمراكز رصد الأعاصير وهيئات الأرصاد ووكالات الفضاء تتعاون بشكل مستمر، لتكوين صورة كاملة لنشاط العواصف والتيارات المائية في محيطات العالم المختلفة.


يتم رصد الأعاصير باستخدام عدة طرق، تساهم كلها في جمع المعلومات بطريقة مختلفة، وتعتبر صور الأقمار الصناعية هي أحدث هذه الوسائل وأكثرها شمولاً في رؤية الظواهر الجوية المختلفة، ويرجع إطلاق أول قمر صناعي مخصص للرصد الجوي إلى عام 1960، وكان يسمى "TIROS"، وتطورت الأقمار الصناعية من ذلك الوقت، لتصبح أطول عمراً وأوسع نطاقاً وتعتبر الأقمار الصناعية الأمريكية، المسماة "أقمار الرصد البيئي ذو المدار الثابت"، أو "Geostationary Operational Environmental Satellites"، هي الأحدث في العالم، وتمتلك الولايات المتحدة الأمريكية قمرين منها، هما "GOES East" و"GOES West"، ويساهمان معاً في إعطاء صوراً متلاحقة وشاملة لمحيطات الكرة الأرضية.


وجود الأقمار الصناعية لا يغني تماماً عن استخدام باقي الوسائل، خاصة عن محاولة التنبؤ بالظواهر قبل وقوعها، بدلاً من رصدها أثناء حدوثها، إذ أن صور الاقمار الصناعية، على اختلاف أنواعها، تظل قاصرة على رصد الاختلافات الكبيرة في الظواهر الجوية، مثل تكون العواصف وتحولها إلى إعصار، وتبقى المؤشرات الأخرى الأصغر والأكثر شمولاً وتأثيراً على مناخ الكرة الأرضية، مثل درجة حرارة المياه واتجاه التيارات المختلفة، في حاجة لوسائل أكثر قرباً من الأرض لجمعها وتحليلها.


تتضح هنا أهمية الوسائل الأخرى، مثل العوامات الطافية الخاصة بالرصد بالمحيطات "Weather Buoys"، وهي من الوسائل التي تعطي العلماء مؤشرات أولية أساسية، تجعل العلماء على دراية شبه كاملة بحالة المحيطات والكتل الهوائية الموجودة فوقها، من خلال جمع العديد من المعلومات عن التيارات الهوائية والمائية والحرارة والضغط الجوي في منطقة تواجدها، وهي تمثل مصدر دائم ومتجدد وشديد الأهمية في عملية دراسة كافة الظواهر الجوية، إلى الحد الذي دفع البعض لتسمية تلك العوامات بـ"خفر سواحل الأرصاد الجوية".


الرادار الجوي، أو رادار الدوبلر "Doppler Weather Radar"، هو أداة أخرى أساسية في عملية رصد الظواهر الجوية، وتتلخص مهمتها في رصد وتتبع الطوبة الموجودة بطبقات الجو في صورها المختلفة، إذ أن قطرات المياه وكتل الثلج والصقيع تشتت الموجات الصادرة عن الرادار، ما يمكن الرادار من رسم صورة تقريبية للعواصف والتيارات الهوائية بناء على كمية الرطوبة الموجودة بها، وهذه الطريقة تساهم في التنبؤ بإمكانية تحول بعض العواصف إلى أعاصير.


الوسيلة الأخيرة هي طائرات الاستطلاع، وهي لا تستخدم فعلياً في التنبؤ بالأعاصير، وإنما لجمع معلومات عن الأعاصير الواقعة بالفعل، حيث يمكن لهذه الطائرات أن تخترق دائرة الإعصار، والوصول إلى المركز، الذي يسمى عين الإعصار "Hurricane’s eye"، حيث يتم إسقاط أجهزة رصد صغيرة، شبيهة بجهاز الرادار، ترصد المؤشرات الجوية المختلفة من داخل مركز الإعصار، الذي يتكون دائماً من منطقة ذات ضغط جوي شديد الانخفاض وخالية من تيارات الهواء.


يمكن للمعلومات الخاصة بالأعاصير التي وقعت بالفعل أن تقدم صورة عامة عن حالة المحيط الذي وقعت به الأعاصير، وهو ما يساعد على التنبؤ بالأماكن المرشحة لتكون إعصار جديد بها، حيث أن مرور الإعصار بمسار معين يؤثر على اتجاهات تيارات الماء والهواء وكتل الضغط الجوي بشكل كبير وممتد، ويقلل من عدد الأماكن المرشحة لولادة إعصار جديد، مما يزيد من دقة عملية التنبؤ وسرعتها.

تعليقات

محتوى الموضوع